ما كان يُنتظـر من فرنسا أقلّ من أن تكون السبّاقة لتهنئة رئيس الدولة الجزائري المُتجدّد بـ''عهدته'' الثالثة· وفي حين عبّرت واشنطن عن ''انشغالاتها'' أمام النسبة الباهرة التي فاز بها الرئيس المترشح في رابع انتخابات رئاسية ''تعددية'' في البلاد، راحت فرنسا على لسان رئاسة جمهوريتها ووزارة خارجيتها تقدّم له أخلص تهانيها وتمنياتها بالنجاح·
ع· العلمي
قد يكون هذا من قبيل البروتوكول، وقد يكون من قبيل الـ''ريال بوليتيك''، لكنّ إصرار ''العكري'' سابقا على أن تكون هي أول المهنئين، قد يعني أكثر من ذلك· وبعيدا عن اللغط الجاري في الجزائر بخصوص نتيجة تلك ''الانتخابات'' والنسب العائدة لـ''المترشحين''- وليسوا قليلين على جانبي الضفتين أولئك الذين يعتقدون أن وزير الداخلية المجتهد قد استجاب لرغبة صديقه موفّرا له ما أراده من عدد الناخبين ومن نسبة الأصوات - فإن الموقف الفرنسي يحمل معان ورموزا لا يصعب التكهن بها· رسالة ساركوزي قد لا ترقى إلى إيماءة سلفه في الإيليزي، جاك شيراك، حين قدم إلى الجزائر ليقدّم تهانيه بصوت مسموع لنظيره الجزائري بعد فوزه برئاسيات2004, لكنّ الدلالة تبقى ذاتها·
''البزولة'' و''العكري''
ربما لا يزال البعض يتذكرون أن الجزائريين المحظوظين في عهد فرنسا، قياد وباشاغاوات وأعوان، كانوا يحلفون بـ''بزولة فرنسا'' وبما رضعوه من حليبٍ من ثدييها· قد يكون هؤلاء أو غالبيتهم يجهلون بحكم الأمية لوحة أوجين دولاكروا الشهيرة ''الحرية تقود الشعب'' التي رسم فيها ماريانا عارية الصدر وهي تتقدم جموع الشعب خلال الثورة الفرنسية والتي ستجعل منها فرنسا الجمهورية رمزا لها، لكنّ التشبيه الذي وصفوا به علاقتهم بفرنسا· هل بقي هناك شيء من ''بزولة فرنسا'' في ذهن الجزائريين أو في لاوعيهم أو على الأقل بالنسبة للبعض منهم؟
للجزائر وجود مادي في فرنسا في شكل الجالية الجزائرية الضخمة· وبالنسبة لهؤلاء، فإن تعبير ''بزولة فرنسا'' يتخذ هنا معنى واقعيا، فهي التي توفّر لهم العمل والعيش الكريم حتى أصبحوا موضع حسد في بلدهم الأصلي· وأجزم أنه لولا أن أقفلت فرنسا باب الهجرة، لقطع نصف الشعب الجزائري البحر شاخصا إلى ''البزولة''· ومرّة أخرى تكون لـ''بزولة فرنسا'' الفرصة لإظهار كرمها على أبناء من المستعمَرة السابقة حين استقبلت العديد من الفنانين والأدباء والصحفيين والإطارات الفارّين من الإرهاب الإسلاموي· هناك أيضا مخلفات حرب التحرير مثل الحَـرْكة والأقدام السود واليهود المتجنسين بحكم مرسوم كريميو، ومنهم المؤرخ الشهير بنيامين ستورا وقد جعل من تخصصه في تاريخ الجزائر الحديث تعويضا عن الوطن المفقود، وهو يحظى بسمعة طيبة في أرض أجداده وهو يزورها كلما واتته الفرصة، عكس أخيه في الدين المطرب أنريكو ماسياس· هذا الأخير تلقى وعدا من الرئيس بوتفليقة نفسه باستقباله في الجزائر، لولا أن قامت قيامة ''المحافظين'' وعدد من قدماء المجاهدين الذين نجحوا في جعل رئيس الدولة ينكص على عقبيه· وهناك العلاقات الاقتصادية التي وصل حجمها إلى عشرة ملايير يورو السنة الماضية· لكن بعيدا عن هذا الجانب الملموس الذي يمكن وزنه بميزان الكمّ، هناك جانب خفي لا يقلّ تأثيرا، إن لم يكن ذا التأثير الحاسم، في رفع درجة الحرارة وخفضها بين جانبي المتوسط·
فرنسا دائما حاضرة بكيفية من الكيفيات في رسم الطريق الذي تأخذه الأحداث في الجزائر· قد لا نصلُ في تخرّصاتنا هاته إلى حدٍّ الزعم أن فال دو غـراس هو من أنقذ حياة الرئيس بوتفليقة وأهدى لنا بذلك رئيسا خالدا، لكنّ هاته الواقعة لها وزنها في كفتي العلاقات بين البلدين· علاج رئيس الدولة الجزائري في مشفى فرنسي، جاء تتويجا لسلوكٍ دأب عليه رجال الدولة النافذون منذ رحيل هواري بومدين وعلى رأسهم كثيرون من ''أصحاب البزولة'' السابقين· بومدين فضّل مشافي المعسكر الشرقي على مشافي فرنسا· الشاذلي بن جديد فضّل هو الآخر اللجوء إلى سويسرا لمعالجة عموده الفقري لكنّ ذلك لم يحل دون قيام علاقات شخصية قوية بينه وبين الراحل ميتيران إلى درجة أوعزت فيها ''دوائر جزائرية عليا'' بحذف مقطعٍ من النشيد الرسمي الجزائري يذكر فرنسا إسميا· يذكر أن الراحل محمد الشريف مساعدية، الذي أخرجه بوتفليقة من النسيان ونّصبه على رأس مجلس الأمة، توفي في باريس متأثرا بمرضه· هناك أخبار لم تجد لها لحدّ الساعة تكذيبا رسميا تقول إن وزير الداخلية زرهوني يتوجه كل أسبوع إلى فرنسا للعلاج من مرض ملازم له، وشاع في الآونة الأخيرة أن الرجل الأقوى في الجزائر، الجنرال العربي بلخير، كان يعالج في باريس ثم نُقل على جناح السرعة إلى الجزائر بعد أن علمت السلطات الفرنسية بنية القضاء الفرنسي في مساءلته على خلفية قضية مسيلي·
أفول نجم الجنرالات
هذه القضية بالذات تكشف عن وجه آخر من تلك الأوجه الغريبة في العلاقات الجزائرية ـ الفرنسية وعن سعي السلطات الفرنسية عبر وسائل غير عادية إلى ''الاستثمار'' السياسي في الجزائر بحيث يمكن لها التدخل بفعالية في أية لحظة تراها ضرورية لحماية مصالحها· مهما كانت الأسباب وراء اغتيال علي مسيلي، فإنّ منفّذ الاغتيال المعروف باسم أملو استفاد من تغطية حاسمة من طرف السلطات الفرنسية حين حمله شارل باسكوا وزير الداخلية في ذلك الوقت في طائرته وعاد به إلى الجزائر· لكن القضية عادت إلى السطح مّرة أخرى بقدرة قادر وأُلقي القبض على موظف سام في وزارة الخارجية وخضع لتحقيق قضائي طوال ستة أشهر ولا يزال عالقا في باريس·
هناك أكثر من طرف في الجزائر يعتقد أن بوتفليقة في صراعه مع مراكز القوى، كان وراء عودة قضية مسيلي مرة أخرى إلى السطح ليحقق هدفين·· تحييد العربي بلخير ثم إصابة الشاذلي بن جديد غريمه الأسبق في الفوز بالرئاسة بعد رحيل بومدين· وحسب المصدر الذي أذاع هذه الأخبار (أنظر ''الخبر'' عدد 522 بتاريخ مارس 2009) فإن الشاذلي هو الذي أوعز للعربي بلخير بـ''إسكات'' علي مسيلي بعد ما وجهه هذا الأخير من انتقادات في صحيفته لحرم رئيس الدولة الأسبق· يذكرنا هذا بهروب وزير الدفاع الأسبق الجنرال خالد نزار من باريس تحت جنح الليل حين اشتكاه جزائريون يقيمون هناك للقضاء الفرنسي بتعذيب أفراد من أسرهم خلال العشرية السوداء· لقد تكرّم عليه بوتفليقة وأرسل إليه طائرة خاصة عادت به على جناح السرعة· كان خالد نزار من أكثر المنتقدين لبوتفليقة وكان يعيره بأنه كان ''أقل المترشحين للرئاسة سوءا''، لكنه منذ تلك الواقعة تعقّل وأصبح يوجّه كل اهتمامه لأعماله·
وبغض النظر عن حقيقة وجود مقايضة بين الإيليزي والمرادية تتعلق بمراعاة مصالح اقتصادية فرنسية مقابل تزكية الإيليزي لمشروع ''العهدة'' الثالثة، فإن اللافت للنظر أن الإعلان رسميا عن نية الرئيس بوتفليقة في تعديل الدستور والتقدم لـ''عهدة'' ثالثة توافق مع آخر زيارة لساركوزي للجزائر· ولم يعتم رئيس الدولة الفرنسي أن صرّح أنه يفضّل استمرار بوتفليقة في قيادة الجزائر على قيام نظام إسلامي فيها· طبعا، كان هناك أيضا الاتحاد المتوسطي كمشروع فرنسي، ومن غير المستبعد أن يكون بوتفليقة قايض مشاركته فيه بموافقة ساركوزي على ''العهدة'' الثالثة· ويمكن أن نرد في سياق مظهر الوجود الفرنسي العجيب في الجزائر بمناسبة وقوع تغييرات مهمة، زيارة وزيرة الدفاع ميشيل ماري أليوت في أوت2004 التي كشفت ''أفول نجم الجنرالات'' حين تغيّب عن استقبالها قائد الأركان السابق الجنرال محمد العمّاري قبل أن تعلن استقالته بعد أسبوع من ذاك·
معاهدة الصداقة بين فرنسا ومستعمَرتها السابقة لم تتمّ· هناك على الشاطئ الآخر من المتوسط قوى نجحت في إجهاضها· الضفة الجنوبية من المتوسط لن تعدمَ هي الأخرى ردّا في مستوى خيبة أملها· الإصرار على إبقاء المقطع الشهير من النشيد الوطني ''قسما'' الذي يذكر فرنسا بالتنصيص ويعدها بالويل والثبور وعظائم الأمور· لقد جرت التضحية بشماسيْن صغيريْن وسُحبت مقرراتٌ مدرسية من المدارس ما كان يمكن لها أن تُطبع وأن توّزع على التلاميذ لولا إيعازات فوقية· الظاهر أن المسؤولين الجزائريين كانوا تسرّعوا في قرارهم ليقينهم أن معاهدة الصداقة تلك ستبرم، ثم عادوا فنكصوا على أعقابهم مدرجين ''قسما'' في باب ''رموز الثورة'' ذات الحماية الدستورية· إلى متى؟ إلى فصل آخر من فصول الشدّ والجذب بين الطرفين· وحسب الطريقة التي جرى بها تعديل دستورنا العتيد، رفع الأيدي وفي أقصر جلسة لمجلس ''الأمة''، فلن تكون هناك صعوبة خصوصية في إعادة النظر في هذا الباب إذا كان هناك جديد·
ع· العلمي
قد يكون هذا من قبيل البروتوكول، وقد يكون من قبيل الـ''ريال بوليتيك''، لكنّ إصرار ''العكري'' سابقا على أن تكون هي أول المهنئين، قد يعني أكثر من ذلك· وبعيدا عن اللغط الجاري في الجزائر بخصوص نتيجة تلك ''الانتخابات'' والنسب العائدة لـ''المترشحين''- وليسوا قليلين على جانبي الضفتين أولئك الذين يعتقدون أن وزير الداخلية المجتهد قد استجاب لرغبة صديقه موفّرا له ما أراده من عدد الناخبين ومن نسبة الأصوات - فإن الموقف الفرنسي يحمل معان ورموزا لا يصعب التكهن بها· رسالة ساركوزي قد لا ترقى إلى إيماءة سلفه في الإيليزي، جاك شيراك، حين قدم إلى الجزائر ليقدّم تهانيه بصوت مسموع لنظيره الجزائري بعد فوزه برئاسيات2004, لكنّ الدلالة تبقى ذاتها·
''البزولة'' و''العكري''
ربما لا يزال البعض يتذكرون أن الجزائريين المحظوظين في عهد فرنسا، قياد وباشاغاوات وأعوان، كانوا يحلفون بـ''بزولة فرنسا'' وبما رضعوه من حليبٍ من ثدييها· قد يكون هؤلاء أو غالبيتهم يجهلون بحكم الأمية لوحة أوجين دولاكروا الشهيرة ''الحرية تقود الشعب'' التي رسم فيها ماريانا عارية الصدر وهي تتقدم جموع الشعب خلال الثورة الفرنسية والتي ستجعل منها فرنسا الجمهورية رمزا لها، لكنّ التشبيه الذي وصفوا به علاقتهم بفرنسا· هل بقي هناك شيء من ''بزولة فرنسا'' في ذهن الجزائريين أو في لاوعيهم أو على الأقل بالنسبة للبعض منهم؟
للجزائر وجود مادي في فرنسا في شكل الجالية الجزائرية الضخمة· وبالنسبة لهؤلاء، فإن تعبير ''بزولة فرنسا'' يتخذ هنا معنى واقعيا، فهي التي توفّر لهم العمل والعيش الكريم حتى أصبحوا موضع حسد في بلدهم الأصلي· وأجزم أنه لولا أن أقفلت فرنسا باب الهجرة، لقطع نصف الشعب الجزائري البحر شاخصا إلى ''البزولة''· ومرّة أخرى تكون لـ''بزولة فرنسا'' الفرصة لإظهار كرمها على أبناء من المستعمَرة السابقة حين استقبلت العديد من الفنانين والأدباء والصحفيين والإطارات الفارّين من الإرهاب الإسلاموي· هناك أيضا مخلفات حرب التحرير مثل الحَـرْكة والأقدام السود واليهود المتجنسين بحكم مرسوم كريميو، ومنهم المؤرخ الشهير بنيامين ستورا وقد جعل من تخصصه في تاريخ الجزائر الحديث تعويضا عن الوطن المفقود، وهو يحظى بسمعة طيبة في أرض أجداده وهو يزورها كلما واتته الفرصة، عكس أخيه في الدين المطرب أنريكو ماسياس· هذا الأخير تلقى وعدا من الرئيس بوتفليقة نفسه باستقباله في الجزائر، لولا أن قامت قيامة ''المحافظين'' وعدد من قدماء المجاهدين الذين نجحوا في جعل رئيس الدولة ينكص على عقبيه· وهناك العلاقات الاقتصادية التي وصل حجمها إلى عشرة ملايير يورو السنة الماضية· لكن بعيدا عن هذا الجانب الملموس الذي يمكن وزنه بميزان الكمّ، هناك جانب خفي لا يقلّ تأثيرا، إن لم يكن ذا التأثير الحاسم، في رفع درجة الحرارة وخفضها بين جانبي المتوسط·
فرنسا دائما حاضرة بكيفية من الكيفيات في رسم الطريق الذي تأخذه الأحداث في الجزائر· قد لا نصلُ في تخرّصاتنا هاته إلى حدٍّ الزعم أن فال دو غـراس هو من أنقذ حياة الرئيس بوتفليقة وأهدى لنا بذلك رئيسا خالدا، لكنّ هاته الواقعة لها وزنها في كفتي العلاقات بين البلدين· علاج رئيس الدولة الجزائري في مشفى فرنسي، جاء تتويجا لسلوكٍ دأب عليه رجال الدولة النافذون منذ رحيل هواري بومدين وعلى رأسهم كثيرون من ''أصحاب البزولة'' السابقين· بومدين فضّل مشافي المعسكر الشرقي على مشافي فرنسا· الشاذلي بن جديد فضّل هو الآخر اللجوء إلى سويسرا لمعالجة عموده الفقري لكنّ ذلك لم يحل دون قيام علاقات شخصية قوية بينه وبين الراحل ميتيران إلى درجة أوعزت فيها ''دوائر جزائرية عليا'' بحذف مقطعٍ من النشيد الرسمي الجزائري يذكر فرنسا إسميا· يذكر أن الراحل محمد الشريف مساعدية، الذي أخرجه بوتفليقة من النسيان ونّصبه على رأس مجلس الأمة، توفي في باريس متأثرا بمرضه· هناك أخبار لم تجد لها لحدّ الساعة تكذيبا رسميا تقول إن وزير الداخلية زرهوني يتوجه كل أسبوع إلى فرنسا للعلاج من مرض ملازم له، وشاع في الآونة الأخيرة أن الرجل الأقوى في الجزائر، الجنرال العربي بلخير، كان يعالج في باريس ثم نُقل على جناح السرعة إلى الجزائر بعد أن علمت السلطات الفرنسية بنية القضاء الفرنسي في مساءلته على خلفية قضية مسيلي·
أفول نجم الجنرالات
هذه القضية بالذات تكشف عن وجه آخر من تلك الأوجه الغريبة في العلاقات الجزائرية ـ الفرنسية وعن سعي السلطات الفرنسية عبر وسائل غير عادية إلى ''الاستثمار'' السياسي في الجزائر بحيث يمكن لها التدخل بفعالية في أية لحظة تراها ضرورية لحماية مصالحها· مهما كانت الأسباب وراء اغتيال علي مسيلي، فإنّ منفّذ الاغتيال المعروف باسم أملو استفاد من تغطية حاسمة من طرف السلطات الفرنسية حين حمله شارل باسكوا وزير الداخلية في ذلك الوقت في طائرته وعاد به إلى الجزائر· لكن القضية عادت إلى السطح مّرة أخرى بقدرة قادر وأُلقي القبض على موظف سام في وزارة الخارجية وخضع لتحقيق قضائي طوال ستة أشهر ولا يزال عالقا في باريس·
هناك أكثر من طرف في الجزائر يعتقد أن بوتفليقة في صراعه مع مراكز القوى، كان وراء عودة قضية مسيلي مرة أخرى إلى السطح ليحقق هدفين·· تحييد العربي بلخير ثم إصابة الشاذلي بن جديد غريمه الأسبق في الفوز بالرئاسة بعد رحيل بومدين· وحسب المصدر الذي أذاع هذه الأخبار (أنظر ''الخبر'' عدد 522 بتاريخ مارس 2009) فإن الشاذلي هو الذي أوعز للعربي بلخير بـ''إسكات'' علي مسيلي بعد ما وجهه هذا الأخير من انتقادات في صحيفته لحرم رئيس الدولة الأسبق· يذكرنا هذا بهروب وزير الدفاع الأسبق الجنرال خالد نزار من باريس تحت جنح الليل حين اشتكاه جزائريون يقيمون هناك للقضاء الفرنسي بتعذيب أفراد من أسرهم خلال العشرية السوداء· لقد تكرّم عليه بوتفليقة وأرسل إليه طائرة خاصة عادت به على جناح السرعة· كان خالد نزار من أكثر المنتقدين لبوتفليقة وكان يعيره بأنه كان ''أقل المترشحين للرئاسة سوءا''، لكنه منذ تلك الواقعة تعقّل وأصبح يوجّه كل اهتمامه لأعماله·
وبغض النظر عن حقيقة وجود مقايضة بين الإيليزي والمرادية تتعلق بمراعاة مصالح اقتصادية فرنسية مقابل تزكية الإيليزي لمشروع ''العهدة'' الثالثة، فإن اللافت للنظر أن الإعلان رسميا عن نية الرئيس بوتفليقة في تعديل الدستور والتقدم لـ''عهدة'' ثالثة توافق مع آخر زيارة لساركوزي للجزائر· ولم يعتم رئيس الدولة الفرنسي أن صرّح أنه يفضّل استمرار بوتفليقة في قيادة الجزائر على قيام نظام إسلامي فيها· طبعا، كان هناك أيضا الاتحاد المتوسطي كمشروع فرنسي، ومن غير المستبعد أن يكون بوتفليقة قايض مشاركته فيه بموافقة ساركوزي على ''العهدة'' الثالثة· ويمكن أن نرد في سياق مظهر الوجود الفرنسي العجيب في الجزائر بمناسبة وقوع تغييرات مهمة، زيارة وزيرة الدفاع ميشيل ماري أليوت في أوت2004 التي كشفت ''أفول نجم الجنرالات'' حين تغيّب عن استقبالها قائد الأركان السابق الجنرال محمد العمّاري قبل أن تعلن استقالته بعد أسبوع من ذاك·
معاهدة الصداقة بين فرنسا ومستعمَرتها السابقة لم تتمّ· هناك على الشاطئ الآخر من المتوسط قوى نجحت في إجهاضها· الضفة الجنوبية من المتوسط لن تعدمَ هي الأخرى ردّا في مستوى خيبة أملها· الإصرار على إبقاء المقطع الشهير من النشيد الوطني ''قسما'' الذي يذكر فرنسا بالتنصيص ويعدها بالويل والثبور وعظائم الأمور· لقد جرت التضحية بشماسيْن صغيريْن وسُحبت مقرراتٌ مدرسية من المدارس ما كان يمكن لها أن تُطبع وأن توّزع على التلاميذ لولا إيعازات فوقية· الظاهر أن المسؤولين الجزائريين كانوا تسرّعوا في قرارهم ليقينهم أن معاهدة الصداقة تلك ستبرم، ثم عادوا فنكصوا على أعقابهم مدرجين ''قسما'' في باب ''رموز الثورة'' ذات الحماية الدستورية· إلى متى؟ إلى فصل آخر من فصول الشدّ والجذب بين الطرفين· وحسب الطريقة التي جرى بها تعديل دستورنا العتيد، رفع الأيدي وفي أقصر جلسة لمجلس ''الأمة''، فلن تكون هناك صعوبة خصوصية في إعادة النظر في هذا الباب إذا كان هناك جديد·
الثلاثاء سبتمبر 29, 2009 6:24 pm من طرف merzak
» موضوع مهم
الثلاثاء سبتمبر 29, 2009 6:15 pm من طرف merzak
» مرزاق معكم
الثلاثاء سبتمبر 29, 2009 6:13 pm من طرف merzak
» غرداية ما بعد الفتنة:من حكم الأعيان إلى ترسيم الإباضية 2
الخميس مايو 14, 2009 6:39 pm من طرف Admin
» غرداية ما بعد الفتنة:من حكم الأعيان إلى ترسيم الإباضية
الخميس مايو 14, 2009 6:37 pm من طرف Admin
» بـاريـس سبـاقـة في تهنـئة بـوتفليـقة
الخميس مايو 14, 2009 6:32 pm من طرف Admin
» لرياضة المصرية: شباب اليد يفوزوا على شيلي 41/21
الأربعاء مايو 13, 2009 11:14 pm من طرف Admin
» برنامج لصنع المواقع الاحترافية
الأربعاء مايو 13, 2009 11:06 pm من طرف Admin
» جوجل تطلق خدمتها الجديدة جوجل أوشن
الأربعاء مايو 13, 2009 11:02 pm من طرف Admin
» منتدى غرداية
الأربعاء مايو 13, 2009 10:53 pm من طرف Admin
» أفضل تولبر على الإطلاق
الأربعاء مايو 13, 2009 10:48 pm من طرف Admin
» أوسامة في بجاية
الأربعاء مايو 13, 2009 2:02 pm من طرف Admin
» كرة القدم
الأربعاء مايو 13, 2009 1:46 pm من طرف Admin
» مولودية الجزائر
الأربعاء مايو 13, 2009 1:44 pm من طرف Admin
» عقود تيكانوين والطاقم الفني لمنتخب الأشبال تنتهي في نهاية العام
الأربعاء مايو 13, 2009 1:41 pm من طرف Admin