غرداية ما بعد الفتنة:من حكم الأعيان إلى ترسيم الإباضية
غرداية ما بعد الفتنة:من حكم الأعيان إلى ترسيم الإباضية
لم تعد منطقة غرداية هادئة كما كانت، فهي المنطقة التي كانت عنوانا للتسامح والتعايش بين المذاهب والأطياف الاجتماعية· فمنذ مدة، تسرق منطقة بني ميزاب وحاضنة الشاعر الكبير مفدي زكريا والشيخ إبراهيم البيوض الكثير من الأضواء والاهتمام، وأضحت محل أسئلة كثيرة عن الفتنة العمياء التي استيقظت فجأة في غرداية، وتحديدا في منطقة بريان، فتنة لا تهدأ لبعض الوقت حتى تستيقظ مجددا وتطرح مزيدا من الضحايا والمتهمين، تاركة وراءها الخراب والحقد والتباعد والهوة بين الإباضية والمالكية وبين الشعانبة وبني ميزاب·· فتنة دفعت ببعض الأطراف إلى طرح جملة من المطالب الاجتماعية التي تطورت بفعل الأحداث، أبرزها مطالبة السلطات بالاعتراف بالمذهب الإباضي وترسيمه، واحترام خصوصيات الإباضيين ودعم مدارسهم الخاصة أو الحرة·
؟ فتيحة زماموش
لم يكن فشل السلطة في احتواء التفاعلات العنيفة التي تشهدها منطقة غرداية وبريان إلا بسبب فشلها في إحداث قراءة صحيحة وواقعية للتطور السوسيولوجي الذي يشهده المجتمع الإباضي في غرداية، مجتمع أخذ في الاندماج بشكل أكبر في النسيج الاجتماعي الوطني، وأصبح أكثر احتكاكا بالتفاعلات الاجتماعية والاقتصادية، وأكثر التصاقا بالتطورات السياسية الحاصلة، وأضحى على علاقة مباشرة بالمطالبات الاجتماعية، وأخذت الهوة العازلة بين المجتمع الميزابي الإباضي والمجتمع الجزائري بصفة عامة تتسع أكثر مما كانت عليه، وهو ما لم تأخذه السلطة بعين الاعتبار ولم تلاحظه على مر السنوات الأخيرة·
فشل وعجز
لكن العلامة البارزة في كل هذا كان انعتاق المجتمع الإباضي من المؤسسة الاجتماعية والدينية التقليدية التي كانت تحكم أواصره وتنظم أموره وتدير شؤونه بإحكام وتعزز سلطتها الأبوية على المجتمع الإباضي، بتقاسم السلطة بمختلف مستوياتها لآليات صناعة القرار في غرداية مع المؤسسة الدينية الاجتماعية، سواء تعلق الأمر بمجلس الأعيان أو بمجلس العزابة أو بمجلس العشائر وباقي المؤسسات المنمدجة تحت وصاية السلطة الدينية في غرداية· وهي المؤسسات التي خوّلت لها السلطة الدينية الإباضية والميزابية تسيير النظام التربوي ونظام الفتوى والتكافل الاجتماعي والزواج والطلاق وتنظيم العلاقات الداخلية ووضع آليات التعايش مع باقي الأطياف الاجتماعية و الهيئات الرسمية·
وقد لعبت الظروف السياسية والاقتصادية في غير صالح متابعة السلطة لتحولات المجتمع الصغير في غرداية، مثلما لم تلعب هذه التحولات في صالح المؤسسة التقليدية الحاكمة، إذ برز في الواقع جيل جديد من الشباب والكوادر التي أتيحت لها فرصة الانخراط في المؤسسات المعرفية والجامعات في مختلف الولايات، وأمكن لها اعتناق طريقة جديدة في التفكير والعمل والتعاطي مع الأحداث والتطورات العامة بالنسبة للمجتمع الميزابي الإباضي· وقد تطور هذا الأمر إلى مرحلة بدا فيها الانفصام بين المؤسسة الدينية والاجتماعية التقليدية في غرداية وبين الجيل الجديد الذي أعلن في أكثر من مرة تمرده عن المؤسسة التقليدية بسبب ما يصفه الإطارات الجديدة ''بمداهنة السلطة والانسياق وراء تصوراتها ومشاريعها السياسية والاجتماعية على حساب القيم الذاتية للمجتمع الميزابي''· وفي هذا السياق، عبر الإباضيون الجدد الذين انحازوا للعضوية في أحزاب سياسية وهيئات مدنية ومنظمات حقوقية، عن تمردهم بالقول: ''لا نريد أن يمثلنا أعيان، نريد أن يمثلنا منتخبون مثلنا مثل كل الجزائريين''· واعتبروا أن ''صلاحية ومصداقية الأعيان اندثـرت، وأصبح دورهم فقط فلكلوريا ودعويا عندما يتعلق الأمر فقط بالاستحقاقات السياسية''· بدليل تنازلهم عن تحقيق مطالب تكريس الهوية الاجتماعية للميزابيين، ودفع السلطة إلى احترام هيئاتهم العرفية والدينية·
مطالب
أخرجت الأحداث الأخيرة التي شهدتها منطقة بريان ما في الجب، وأعلنت بعض الهيئات النشطة في المجتمع الغرداوي عن مطالبها بشكل أوضح وبصورة علنية ''ترسيم المذهب الإباضي''· وفي هذا السياق، أطلق عدد من نشطاء حقوق الإنسان بولاية غرداية مطالب تتضمن حماية حقوقها الثقافية والدينية، واحترام رموزها، وترسيم مذهبها الديني الإباضي، والاعتراف به بصورة رسمية·
وقال ممثل منظمة العفو الدولية، قاسم غالم، إنه حان الوقت لكي تلتزم الدولة بتدريس المذهب الإباضي للمزابيين، متسائلا: ''لماذا تجبرنا الدولة على إخراج الأموال من جيوبنا حتى نضمن تدريس المذهب الإباضي لأبنائنا''، في إشارة إلى غياب تدريس هذا المذهب في المدرسة الرسمية واقتصاره على المدارس الحرة· فيما دعا الناشط الحقوقي، عبد الله عبد الله، وأحد ضحايا الأحداث الأخيرة السلطات إلى الاعتراف الكامل ''بهويتنا الثقافية والفكرية والعقائدية''، مشيرا في هذا السياق إلى الخطإ الفادح الذي ارتكبته وزارة التربية الوطنية من خلال اعتبار الإباضيين من الخوارج قبل سنتين في أحد الكتب المقررة في المنهج التربوي، قبل أن يطالب مشايخ المذهب الإباضي بحذف هذه الفقرة وتصحيح الخطإ الفادح''· كما طالب المتحدث بالاعتراف بالأوقاف الإباضية، التي يتم التلاعب بها من طرف السلطات·
يتبع....
غرداية ما بعد الفتنة:من حكم الأعيان إلى ترسيم الإباضية
لم تعد منطقة غرداية هادئة كما كانت، فهي المنطقة التي كانت عنوانا للتسامح والتعايش بين المذاهب والأطياف الاجتماعية· فمنذ مدة، تسرق منطقة بني ميزاب وحاضنة الشاعر الكبير مفدي زكريا والشيخ إبراهيم البيوض الكثير من الأضواء والاهتمام، وأضحت محل أسئلة كثيرة عن الفتنة العمياء التي استيقظت فجأة في غرداية، وتحديدا في منطقة بريان، فتنة لا تهدأ لبعض الوقت حتى تستيقظ مجددا وتطرح مزيدا من الضحايا والمتهمين، تاركة وراءها الخراب والحقد والتباعد والهوة بين الإباضية والمالكية وبين الشعانبة وبني ميزاب·· فتنة دفعت ببعض الأطراف إلى طرح جملة من المطالب الاجتماعية التي تطورت بفعل الأحداث، أبرزها مطالبة السلطات بالاعتراف بالمذهب الإباضي وترسيمه، واحترام خصوصيات الإباضيين ودعم مدارسهم الخاصة أو الحرة·
؟ فتيحة زماموش
لم يكن فشل السلطة في احتواء التفاعلات العنيفة التي تشهدها منطقة غرداية وبريان إلا بسبب فشلها في إحداث قراءة صحيحة وواقعية للتطور السوسيولوجي الذي يشهده المجتمع الإباضي في غرداية، مجتمع أخذ في الاندماج بشكل أكبر في النسيج الاجتماعي الوطني، وأصبح أكثر احتكاكا بالتفاعلات الاجتماعية والاقتصادية، وأكثر التصاقا بالتطورات السياسية الحاصلة، وأضحى على علاقة مباشرة بالمطالبات الاجتماعية، وأخذت الهوة العازلة بين المجتمع الميزابي الإباضي والمجتمع الجزائري بصفة عامة تتسع أكثر مما كانت عليه، وهو ما لم تأخذه السلطة بعين الاعتبار ولم تلاحظه على مر السنوات الأخيرة·
فشل وعجز
لكن العلامة البارزة في كل هذا كان انعتاق المجتمع الإباضي من المؤسسة الاجتماعية والدينية التقليدية التي كانت تحكم أواصره وتنظم أموره وتدير شؤونه بإحكام وتعزز سلطتها الأبوية على المجتمع الإباضي، بتقاسم السلطة بمختلف مستوياتها لآليات صناعة القرار في غرداية مع المؤسسة الدينية الاجتماعية، سواء تعلق الأمر بمجلس الأعيان أو بمجلس العزابة أو بمجلس العشائر وباقي المؤسسات المنمدجة تحت وصاية السلطة الدينية في غرداية· وهي المؤسسات التي خوّلت لها السلطة الدينية الإباضية والميزابية تسيير النظام التربوي ونظام الفتوى والتكافل الاجتماعي والزواج والطلاق وتنظيم العلاقات الداخلية ووضع آليات التعايش مع باقي الأطياف الاجتماعية و الهيئات الرسمية·
وقد لعبت الظروف السياسية والاقتصادية في غير صالح متابعة السلطة لتحولات المجتمع الصغير في غرداية، مثلما لم تلعب هذه التحولات في صالح المؤسسة التقليدية الحاكمة، إذ برز في الواقع جيل جديد من الشباب والكوادر التي أتيحت لها فرصة الانخراط في المؤسسات المعرفية والجامعات في مختلف الولايات، وأمكن لها اعتناق طريقة جديدة في التفكير والعمل والتعاطي مع الأحداث والتطورات العامة بالنسبة للمجتمع الميزابي الإباضي· وقد تطور هذا الأمر إلى مرحلة بدا فيها الانفصام بين المؤسسة الدينية والاجتماعية التقليدية في غرداية وبين الجيل الجديد الذي أعلن في أكثر من مرة تمرده عن المؤسسة التقليدية بسبب ما يصفه الإطارات الجديدة ''بمداهنة السلطة والانسياق وراء تصوراتها ومشاريعها السياسية والاجتماعية على حساب القيم الذاتية للمجتمع الميزابي''· وفي هذا السياق، عبر الإباضيون الجدد الذين انحازوا للعضوية في أحزاب سياسية وهيئات مدنية ومنظمات حقوقية، عن تمردهم بالقول: ''لا نريد أن يمثلنا أعيان، نريد أن يمثلنا منتخبون مثلنا مثل كل الجزائريين''· واعتبروا أن ''صلاحية ومصداقية الأعيان اندثـرت، وأصبح دورهم فقط فلكلوريا ودعويا عندما يتعلق الأمر فقط بالاستحقاقات السياسية''· بدليل تنازلهم عن تحقيق مطالب تكريس الهوية الاجتماعية للميزابيين، ودفع السلطة إلى احترام هيئاتهم العرفية والدينية·
مطالب
أخرجت الأحداث الأخيرة التي شهدتها منطقة بريان ما في الجب، وأعلنت بعض الهيئات النشطة في المجتمع الغرداوي عن مطالبها بشكل أوضح وبصورة علنية ''ترسيم المذهب الإباضي''· وفي هذا السياق، أطلق عدد من نشطاء حقوق الإنسان بولاية غرداية مطالب تتضمن حماية حقوقها الثقافية والدينية، واحترام رموزها، وترسيم مذهبها الديني الإباضي، والاعتراف به بصورة رسمية·
وقال ممثل منظمة العفو الدولية، قاسم غالم، إنه حان الوقت لكي تلتزم الدولة بتدريس المذهب الإباضي للمزابيين، متسائلا: ''لماذا تجبرنا الدولة على إخراج الأموال من جيوبنا حتى نضمن تدريس المذهب الإباضي لأبنائنا''، في إشارة إلى غياب تدريس هذا المذهب في المدرسة الرسمية واقتصاره على المدارس الحرة· فيما دعا الناشط الحقوقي، عبد الله عبد الله، وأحد ضحايا الأحداث الأخيرة السلطات إلى الاعتراف الكامل ''بهويتنا الثقافية والفكرية والعقائدية''، مشيرا في هذا السياق إلى الخطإ الفادح الذي ارتكبته وزارة التربية الوطنية من خلال اعتبار الإباضيين من الخوارج قبل سنتين في أحد الكتب المقررة في المنهج التربوي، قبل أن يطالب مشايخ المذهب الإباضي بحذف هذه الفقرة وتصحيح الخطإ الفادح''· كما طالب المتحدث بالاعتراف بالأوقاف الإباضية، التي يتم التلاعب بها من طرف السلطات·
يتبع....
الثلاثاء سبتمبر 29, 2009 6:24 pm من طرف merzak
» موضوع مهم
الثلاثاء سبتمبر 29, 2009 6:15 pm من طرف merzak
» مرزاق معكم
الثلاثاء سبتمبر 29, 2009 6:13 pm من طرف merzak
» غرداية ما بعد الفتنة:من حكم الأعيان إلى ترسيم الإباضية 2
الخميس مايو 14, 2009 6:39 pm من طرف Admin
» غرداية ما بعد الفتنة:من حكم الأعيان إلى ترسيم الإباضية
الخميس مايو 14, 2009 6:37 pm من طرف Admin
» بـاريـس سبـاقـة في تهنـئة بـوتفليـقة
الخميس مايو 14, 2009 6:32 pm من طرف Admin
» لرياضة المصرية: شباب اليد يفوزوا على شيلي 41/21
الأربعاء مايو 13, 2009 11:14 pm من طرف Admin
» برنامج لصنع المواقع الاحترافية
الأربعاء مايو 13, 2009 11:06 pm من طرف Admin
» جوجل تطلق خدمتها الجديدة جوجل أوشن
الأربعاء مايو 13, 2009 11:02 pm من طرف Admin
» منتدى غرداية
الأربعاء مايو 13, 2009 10:53 pm من طرف Admin
» أفضل تولبر على الإطلاق
الأربعاء مايو 13, 2009 10:48 pm من طرف Admin
» أوسامة في بجاية
الأربعاء مايو 13, 2009 2:02 pm من طرف Admin
» كرة القدم
الأربعاء مايو 13, 2009 1:46 pm من طرف Admin
» مولودية الجزائر
الأربعاء مايو 13, 2009 1:44 pm من طرف Admin
» عقود تيكانوين والطاقم الفني لمنتخب الأشبال تنتهي في نهاية العام
الأربعاء مايو 13, 2009 1:41 pm من طرف Admin